تسلم لنا ياريس.. عبارة أصبحت دارجة علي ألسنة كل المصريين، وخاصة البسطاء وأصحاب الدخول المحدودة، والذين ربطتهم بالرئيس مبارك علاقة
فمبارك ابن الأرض الطيبة لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، ولكنه كان سليل أسرة متوسطة عاشت في ريف مصر، حيث يكون للأصالة والقيم النبيلة جذور قوية، تظل الشاهد الحي علي مكنون الشخصية المصرية.
منذ اليوم الأول لتوليه مسئولية الحكم، وبعد سنوات طويلة من البذل والعطاء دفاعا عن كرامة مصر في صفوف قواتها المسلحة، كان انحيازه الدائم للبسطاء من أبناء مصر الطيبة.. تحولت أحلامهم وآمالهم إلي غاية نبيلة سعي إلي تحقيقها، رغم قسوة الظروف والتحديات الجسام التي واجهتها مصر.
مصر التي خرجت من حرب أكتوبر ترفع أقواس أعز وأغلي انتصاراتها، لتدخل حربا أخري من أجل إعادة البناء.. بناء مصر من جديد. ومن نقطة الصفر، وهي حرب شاقة احتاجت إلي جهود ضخمة، قادها الرئيس بمهارة تجمع بين الحنكة السياسية والنظرة الثاقبة، والقدرة علي اتخاذ القرارات الصعبة.
كان كل مصري ومصرية هدفا وغاية.. يومه وغده ومستقبله، تحول ذلك كله إلي أجندة عمل أمام الرئيس مبارك الذي تولي الرئاسة وهو في قمة أمجاد العسكرية المصرية، التي طرق من خلالها أبواب انتصارات أكتوبر.. رئيس يحمل هموم شعبه وآماله.. يعرف كل صغيرة وكبيرة في أدق أمور حياتهم.. فهو منهم.. عاش سنوات حلمهم بأن تكون مصر... الأرض والوطن، قادرة علي ان تلبي طموحاتهم، وتحقق أمانيهم في حياة آمنة ومستقرة.
ولم يكن صعبا أن يشعر أبناء مصر بحقيقة وقوة العلاقة التي تجمعهم بالرجل، الذي عرفوه بطلا قبل ان يعرفوه رئيسا لهم.. لم يكن صعبا أن نشعر جميعا وندرك كم الفرحة والسعادة، التي تعلو وجه الرئيس، عندما يكون بين أبناء شعبه.. وهو يصافحهم أو يتحدث معهم بكلمات عفوية تزيل من النفوس الرهبة والهيبة، التي قد يشعرون بها وهم يقابلونه للمرة الأولي، وفي مخيلتهم جميعا تاريخ عطاء ورحلة مشقة وعناء، تحملها من أجلهم جميعا، ولايزال.
خفقت قلوبنا جميعا يوم محاولة الاعتداء الآثم علي موكب الرئيس في أديس أبابا.. وخرج الملايين من أبناء مصر في موكب مهيب للقاء الرئيس بعد عودته سالما.. موكب مهيب حمدا وشكرا لله تعالي ان عاد إليهم مبارك، الذي أصبح مع الأيام جزءا غاليا وعزيزا في قلب كل واحد منهم.
خفقت قلوب كل المصريين عندما سافر الرئيس لرحلة علاج في ألمانيا، والتي تحولت في بيوت كل المصريين إلي حديث ونقاش متصل، يتلمسون فيه أخبار علاجه، والاطمئنان علي صحته، ودعاء لله تعالي من قلوب وأفئدة كل المصريين بأن يعود سريعا إليهم، وهم يتمتمون في رجاء وخشوع، »ملناش غيرك.. وتسلم لنا ياريس«.
عبارة هي جزء من موروث شعب ذكي، يؤمن بالقضاء والقدر، ويؤمن إيمانا عميقا بأن بين المحبين رسولا.. شعب يعرف مدي الحب والتقدير والاعتزاز، الذي يكنه الرئيس لهم جميعا.
شعب ذكي يعرف أنه دائما في قلب الرئيس، وعلي رأس اهتماماته وأولوياته، والتي تحولت إلي أولوية خاصة لدي كل الحكومات المتعاقبة.. الحكومات التي تعرف مقدما، أن التعامل مع رئيس الجمهورية، ليس فقط باعتباره أعلي سلطة وحكما بين كل السلطات، ولكنه النائب الأول لشعب مصر كله. نائب اختاره الشعب كله، لأنه عرف فيه قدرته الفائقة علي امتلاك أسباب النصر والنجاح، والوفاء بكل الوعود التي قطعها علي نفسه.
< < <
فكل أبناء مصر يثقون ثقة بلا حدود أن الرئيس مبارك هو المحامي الأول لهم، ورغم كل التحديات والصعوبات والمشاكل التي تواجهها حكومات مصر، والتي تعود كلها في النهاية إلي الزيادة المفرطة في عدد السكان وقلة الموارد، رغم كل ذلك يعرفون ان مبارك هو خط الدفاع الأول لهم أمام أي اجراءات قد تقوم بها الحكومة، وقد تؤدي إلي مزيد من المعاناة لهم.
رئيس سؤاله الدائم هو تأثير أي قرار أو اجراء علي المواطنين، وخاصة غير القادرين.. رئيس - رغم كل مشاغله - يجد وقتا يمسك فيه سماعة التليفون ليسأل عن شخص مريض، أو يتصل بأحد الوزراء ليعطي توجيهاته بسفر طفل صغير للعلاج بالخارج، لأنه قرأ مشكلته في الصحف.. رئيس يعرف كل المسئولين بالحكومة انه لا يكتفي بقراءة التقارير، رغم تمتعها الكامل بالمصداقية، ولكنه كثيرا ما يجري اتصالاته، ويجمع معلوماته من أطراف كثيرة، بمن فيهم الخبراء والمختصون، لكي يأتي قراره في النهاية من محصلة حقيقية للواقع.
وأذكر انني في أحد لقاءاتي مع الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء الأسبق، دخل علينا أحد الوزراء الجدد، والذي كان قد استدعي للقاء السيد الرئيس. قال له الدكتور عاطف عبيد: حذار من أي معلومة خطأ تقولها للسيد الرئيس.. لا تحاول ان تجمل كلامك أو تعطي وعودا غير قابلة للتنفيذ. الرئيس مبارك يعرف كل شيء، ولديه حس مرهف تجاه الحقيقة.. روح وربنا معاك!!
وما حدث مع الدكتور عاطف عبيد، ذكّرني بنصيحة كان يقولها الراحل الكبير الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق، في أول اجتماع لمجلس الوزراء، عقب كل تعديل جديد أو تكليف برئاسته للمجلس.. لا تقولوا إلا الحقيقة أمام الرئيس.. وابتعدوا دائما عن أي حلول تضيف أعباء جديدة علي الناس.. وإلا أنتم أحرار!!
ولم يكن غريبا ان يأتي خطاب الرئيس مبارك خلال اجتماعه - الأربعاء الماضي - مع قيادات الحزب الوطني، انعكاسا لحقيقة تكشف عمق علاقة الرئيس مبارك بأبناء شعبه. فرغم كل الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية، والتي شملت طفرة غير مسبوقة في مجال الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ينحاز الرئيس كعادته لهموم المواطنين. صحيح ان مصر حققت الكثير والكثير، لكن لاتزال هناك صعاب وتحديات، وأيضا آمال وتطلعات.
< < <
لم يكن الحزب الوطني حزبا للأغلبية، لأن عدد الأعضاء يقترب من ٥.٣ مليون مواطن، أو لأنه يضم في عضويته معظم القيادات والخبراء وكبار السياسيين، أو لأنه يفوز بنصيب الأسد في الانتخابات. لكنه أصبح حزبا للأغلبية من خلال أجندة عمله وبرامجه، وقدرته الفائقة علي ان يعبر عن قضايا وهموم ومشاكل المواطنين، ويسعي لحلها من خلال خطط وإجراءات لا تحمل من الآمال قدر ما تحمله من واقعية تتمثل في توفير التمويل اللازم لها. وتلك - في حد ذاتها - معضلة كبري، نظرا لقلة الموارد وضخامة أعباء الإنفاق.
تغيرت صورة الحزب تماما، عنها في حقبة السبعينيات والثمانينات، والتي شهدت نجاحات كثيرة، وشهدت أيضا إخفاقات وسلبيات أكبر بكثير، وهي أمور معروفة ومقبولة تعيشها الأحزاب الكبري في كل بلدان العالم، والتي تملك القدرة الذاتية علي تصحيح وتصويب دفتها. وبعيدا عن الضجيج السياسي الذي تثيره بعض الأحزاب المعارضة، أو المنتمون لجماعة الاخوان، أو بعض السياسيين القدامي، الذين وجدوا في المعارضة، وإثارة حملات التشكيك والبلبلة ساحة خصبة، تضمن بقاءهم واستمرارهم في صورة الأحداث. بعيدا عن كل حملات التشكيك التي حاولت النيل من جمال مبارك أمين السياسات، باعتباره واجهة ومحركا أساسيا للإصلاح داخل الحزب الوطني تحت وهم التوريث، وهو المصطلح الذي يروجون له، بعد أن وجدوا فيه ستارا خادعا يخفي حقيقة أغراضهم ومآربهم، وسعيهم الدائم لنشر ثقافة اليأس والاحباط.
بعيدا عن ذلك كله، يأتي برنامج الحزب الوطني الجديد ليشكل القول الفصل في هذه المزايدات الرخيصة، التي يتزايد رفض الشعب المصري لها، بعد اكتشاف حقيقتها، حيث عبر البرنامج بوضوح عن جموع شعب مصر، ولم يكن برنامجا فضفاضا، لأنه في الحقيقة يعتمد علي رصيد ضخم قد تحقق بالفعل. رصيد تحقق تؤكده الأرقام والاحصائيات، وتؤكده إجابة عن سؤال، أتمني ان يسأله كل مواطن لنفسه.. هل حياتنا اليوم أفضل من الأمس؟!.. هل نسير إلي الأمام؟! الإجابة لن تخطئها مجريات حياتنا، أو نظرة فاحصة لمئات المشروعات الجديدة والمدن والعمائر، وشبكات الطرق والصرف الصحي ومياه الشرب، وتوافر كل شيء.. الإجابة قد تحملها أيضا حقائب المصريين القادمين من الخارج، وحصيلة الجمارك علي ما يحملونه، والتي تكاد تصل إلي نقطة الصفر بعدما توافر كل شيء في بلادنا، ومعظمه أيضا من صنع بلادنا.
يأتي برنامج الحزب، الذي أعلن تفاصيله جمال مبارك أمين السياسات، نابعا من جولات كثيرة قام بها لكل محافظات مصر، وخاصة لقراها الفقيرة.. فهناك صوت الفقر يكون أكثر قربا من الحقيقة التي سعي إليها، وهي: ماذا يريد بسطاء الناس؟.. ما آمالهم وطموحاتهم وحقيقة معاناتهم؟
برنامج الحزب الوطني لخوض الانتخابات البرلمانية، يحمل في طياته محاور كثيرة، اعتقد - جازما - انها ستكون أساسا للبرنامج الرئاسي القادم. البرنامج الذي يضع صورة المستقبل، وتأمين كل الأجيال القادمة من أولادنا وأحفادنا.. برنامج لا يحمل آمالا بقدر ما يحمل من مهارة وقدرة علي التنفيذ. ولخص كل همومنا وشكوانا، ويقترب من كل ما نعيشه من معاناة.
< < <
ينحاز الرئيس كعادته لأبناء شعبه، ليؤكد حقيقة ان ثمار ومنافع الاصلاح والنمو والتنمية لم تصل لبعض أبناء مصر. أبناء ينتظرون مزيدا من فرص العمل، رغم توفير ٤ ملايين فرصة عمل، خلال السنوات الخمس الماضية.
ينتظرون ان تصل إليهم شبكات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وخدمات التعليم والصحة والمواصلات والاسكان والمرافق، رغم الطفرات الهائلة التي شهدتها تلك القطاعات، خلال السنوات الخمس الماضية، وما قبلها.
تسلم لنا ياريس.. يقولها الفقراء والبسطاء الذين مازالوا يعانون عناء الحياة، وارتفاع تكاليف المعيشة والغلاء، ويحدوهم الأمل الكبير في تأمين مستقبلهم ومستقبل أجيالهم القادمة.
هؤلاء شكلوا دائما أولوية خاصة في فكر زعيم مصر.. زعيم يعيش هموم ومشاكل أبناء وطنه.. يعرف كل ما يعانونه، وأصبحت شكواهم وآمالهم محورا لكل ما تقوم به الحكومة من إجراءات.
مبارك زعيم مصر، قدم في خطابه التاريخي وثيقة للمستقبل، حدد فيها بوضوح فكر وبرنامج الحزب الوطني، الذي يشكل جوهر اهتمامات ومطالب المواطنين.
الرئيس قال كل ما نقوله، وكل ما يردده الناس، بعيدا عن هواة الصخب الذين يؤكدون كل يوم انهم لا يملكون سوي الشعارات الجوفاء والافلاس السياسي، أمام شفافية كاملة تتعامل بها الدولة مع مشاكل الناس وطموحاتهم.
الرئيس عبر عن كل أبناء مصر، ليغلق الباب أمام مزايدات لا تستهدف سوي إعاقة العمل، وتخدم أجندات إقليمية ودولية، يؤرقها أن تكون مصر قوية وقادرة.
لا أبالغ عندما أقول ان برنامج الحزب الوطني لخوض انتخابات مجلس الشعب، يمثل وثيقة للمستقبل. وثيقة جاءت كل حروفها من واقع ما يعيشه الناس، وما يطمحون إليه. مزيد من فرص العمل. تحسين الدخول. التصدي للفساد. حماية للأسرة المصرية. السيطرة علي التضخم وضبط الأسواق والأسعار. تطوير العشوائيات. توفير خدمات الصرف الصحي. توفير السكن اللائق. تحديث التعليم. تأمين صحي لكل المصريين. حماية كاملة للمزارعين والعمال. حماية كاملة لأصحاب المعاشات. تعزيز البنيان الديموقراطي. زيادة الاستثمارات. توسيع قاعدة العدل الاجتماعي.
تسلم لنا ياريس.. لكي تظل مصر آمنة ومستقرة، وقادرة علي الدفاع عن سيادة ومصالح الوطن وحمايته من أي مخاطر، والقدرة علي مواجهة أي تحديات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق