آعجبني هؤلاء | ||
لأول مرة: عبدالناصر التاريخ أكذوبة يصنعها الأقوياء.. وأكبر جهاز لتكييف الهوى | ||
م بقلم: أنيـــس منصـــــور | ||
وينتقل من مكان إلي مكان.. وهو لاينطق. وإنما يستمع. ولكنه لم يترك أثرا. هذا الرجل الذي صنع الثورة وطرد الملك وأصبحت مصر جمهورية. وأول مصري يحكم مصر. لاهو أبيض ولا هو أسمر. هو أسمر أصفر.. شخص عادي جدا. ليست له مزايا مختلفة لا في وجهه ولا في جسمه. وسمعت العمال والزملاء يتحدثون عنه. يتحدثون عن المفاجأة. وأنه إنسان عادي أي متواضع بسيط. كان ذلك سنة ٢٥٩١. ولم تتضح معالم »الثورة« أو »الانقلاب العسكري«. ولم يظهر إلي جواره أحد. وكل الناس يعلمون انه هو الذي كان وراء الثورة. أو هو الثورة وبقية زملائه عاديون. وإن كانوا يحاولون إثبات وجودهم بالقوة.. بالكلام أو بالافعال. لكن لا أحد منهم فعل شيئا. وعبدالناصر هو الذي فكر ودبر. ولم يخطر ببال أحد ذلك الوقت انه هو الثائر وأنه هو الزعيم. وربما كان نصيبه من الدعاية أقل من زملائه الذين ملأوا الدنيا كلاما. ورعبا أحيانا. فجمال سالم عنيف في أقواله وأفعاله. وإنه إذا صار شيئا بعد ذلك فسوف يكون شديدا. وأخوه صلاح سالم ايضا. الباقون ليس لهم وضوح. أنور السادات هو السياسي الوحيد فيهم. تآمر وألقي القبض عليه ودخل السجن وأفلت من حبل المشنقة. وهو المعروف قبل الثورة. وهو حريص علي ألا يظهر في الصحف.. وأن يكون بعيدا تاركا الساحة للزملاء الآخرين. وفيما بعد عرفناهم جميعا. وكان السادات أكثرهم حذرا. وأكثرهم حكمة أيضا.. كان عبدالناصر قد أمم الصحافة كلها ملك الدولة واشتدت الرقابة وصارت خانقة. إرهاب حقيقي. فأنت خائف إذا كتبت. خائف إذا لم تكتب. خائف من الرقابة عليك. أنت وزوجتك وأولادك. فالخوف عام يصيب الجميع. حتي الذين لا أهمية لهم خائفون. وطلب عبدالناصر ان يلتقي رؤساء تحرير الصحف في ذلك الوقت من سنة ١٦٩١ كنت رئيس تحرير مجلة »الجيل« وكانت المجلة قد مشت في الخط. وتغيرت ملامح المجلة، فلا فتيات جميلات وإنما عاملات بأشكالهن التي ليست فيها أناقة ولا جمال صارت المجلة كئيبة. الخوف هو السبب.. ثم إننا لا نعرف ماذا نقول وماذا لانقول. فنحن في خوف من الرقيب الذي هو موظف صغير عنده تعليمات.. الخوف من أن يحذف ويشطب وعلينا ان نطيع وإلا تعطلت المجلات والصحف عن الصدور. وذهبنا للقاء عبدالناصر مثل تلامذة ساقطين في لقاء وزير التربية والتعليم. وكل واحد يتذكر أخطاءه أو الاخطاء التي حسبوها عليه. لابد أن يكون لهذا اللقاء المهم سبب وجيه من التكدير والعقاب. وقبل أن نجلس قابلني الاستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير »آخر ساعة« وقال: يجوز الرئيس عبدالناصر يسألك عن تحضير الأرواح الذي نشرته في مصر. لاترد. تسكت. وجلست وراء الأستاذ فكري أباظة وتواريت حتي لايراني عبدالناصر وقد تغيرت ملامحه تماما، يبدو أطول، أكثر امتلاء.. وأري عينيه تبرقان في حدة. أو هكذا رأيناه وجلسنا في خوف رهيب أو في صمت ورهبة. ولم نعرف ماذا عساه أن يقول وقال: وتناول بالنقد مجلة »روزاليوسف« والكاريكاتير وقال: إحنا ما عندناش في مصر عشاق في الدواليب أو تحت السرير. مفيش في مصر حاجات من دي. ووقف مصطفي أمين يرجو الرئيس ان يكون اسم »الأخبار« هو »أخبار اليوم« لأن عبدالناصر طوال الوقت يتكلم عن صحيفة »الأخبار« فخشي مصطفي أمين أن يكون هذا اسمها. وإنما أراد ان يكون اسمها »أخبار اليوم« .. وانتهي الاجتماع. وقعت مذبحة في التليفزيون المصري فقد مسحوا كل هذه التسجيلات لكي يسجلوا عليها خطب الزعيم الخالد عبدالناصر. مسحوا شريط طه حسين والحكيم وعزيز باشا أباظة وحسين فوزي.. وشريط طه حسين قد عثرت عليه عند صديقي في السعودية وقدمته هدية للتلفزيون المصري.. وبقية التسجيلات ذهبت إلي حيث لاعودة. أما التسجيل الذي حزنت علي ضياعه فهو مع المؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعي .. وكانت أول مرة يري الناس مؤرخهم العظيم الوديع. وكان ذلك قبل وفاته بأيام. ولم أكن أعرف أن هذا الرجل بهذا الجمال واللطف والرقة والأدب. فقد كان نموذجا عاليا للشفافية النفسية. وكان مؤرخا علي خلق. وقد سألته: كيف تزوجت يا أستاذ؟ فقال: إنه زواج تقليدي.. وسألته: وهل رأيت زوجتك قبل أن تخطبها؟ فانزعج وقال: لا لا: كيف آراها قبل الزواج؟ إنني علمت أنها ابنة فلان ومن عائلة فلان. وأنا أعرف فلانا هذا فهو رجل علي خلق.. وأعرف سمعة هذه العائلة ويكفيني هذا.. فقالت: وكيف أحببتها؟ فقال: الحب يجيء عادة بعد الزواج. وعرفت كيف يكتب الرجل التاريخ.. انه ينطلق من التفسير الأخلاقي للتاريخ. سألته: وما رأيك في طه حسين؟ قال: وهل يكون لي رأي؟ إنه رجل عظيم. < وما رأيك في العقاد. < وهذا عظيم آخر.. وهذه نماذج فريدة في التاريخ قل أن يجود الزمان بمثلها.. وكذلك أمير الشعراء شوقي.. سعيد لأنني أعيش في عصر هؤلاء العباقرة.. ونحن سعداء ان نعيش في زمانك يا أستاذ وسوف يسعد الناس عندما يرونك لأول مرة.. ولآخر مرة أيضا. بعد ان سمعنا ورأينا العجب عن ثورة يوليو العظيمة أصبح عندنا شئ واحد مؤكد: إن قيام الثورة له ألف أب، أما استمرار الثورة وسلبياتها فطفل يتيم لقيط لا أحد يعرف له أبا ولا أما، وإنما وجدوه أمام باب التاريخ الحديث. ومن المؤكد أن الثورة أخرجت ملكا واحدا، وولدت عشرين، ورأينا أحد الضباط الأحرار يدافع عن معتقلات عبدالناصر ويلعن معتقلات السادات، ويري انه طبيعي ان يحمي عبدالناصر ثورته بإيداع الناس السجون، و الحقيقة ان المعتقلين أيام عبدالناصر عندما خرجوا من السجن هان عذابهم إذ يكفيهم ان تمتلئ عيونهم وآذانهم بالقوات الروسية في مصر وعندما خرجوا من سجون السادات وجدوا البلاد قد تطهرت من الجيش الروسي. ورأينا وسمعنا من يقول: إن الثورة قائمة حتي يوم القيامة، ومن يقول انها بدأت وانتهت بعبدالناصر، وإنها مثل الديانة اليهودية وراثية وليست كالإسلام والمسيحية ديانة تبشير وتهذيب وإصلاح! والثورة كالنار كما يقول الشاعر القديم: تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، فأكلت الثورة بنيها، وأكلها بنوها أيضا لأنهم يأكلون النار، ورأينا وسمعنا من يقدس الرئيس عبدالناصر، وهم جميعا يسيئون لرجل بسيط قام بحركة وصارت الحركة بركة، وصارت البركة انقلابا، وأخيرا ثورة، وعبدالناصر هو الذي قال انه وزملاءه كانوا مثل ست شخصيات تبحث عن مؤلف ثم وجدوا المؤلف الذي يقول انه علام الغيوب ومفرج الكروب، ولا أحد سواه. وهناك مثل واحد علي كل فلسفات الثوار: ماذا فعلوا بمحمد نجيب ـ أول رئيس حذفوا اسمه من الكتب المدرسية وهو حي ونحن أيضا، وعذبه عبدالناصر وأذله وأهانه في أسرته وفي نفسه. آخر كلام: التاريخ أكذوبة يصنعها الاقوياء ويصدقها الضعفاء.. أو بعبارة أخري: التاريخ هو أكبر جهاز لتكييف الهوي! |
***** أنت ألآن فى مدونة ال 344,052 زائر حسب أحصاءجوجل **** 208000 زائر من 126 دولة أحدث دولة Montenegro حسب أحصاء Flag Counter ترتيب المدونة عالميا" : Alexa Traffic Rank: 1,582,240 : ومصريا" Traffic Rank in EG: 14,884: حسب توثيق مؤسسة Alexa بتاريخ 24 نوفمبر 2011 ***** الله يرحمك ياولدي واتمني من كل اللي يدخل يدعيلو بالرحمه
السبت، 1 أكتوبر 2011
أنيـــس منصـــــور : الديانة اليهودية وراثية وليست كالإسلام والمسيحية ديانة تبشير وتهذيب وإصلاح!
مرسلة بواسطة
محمد سيد نجا
في
3:18 م
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة على Xالمشاركة في Facebookالمشاركة على Pinterest
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق