الاثنين، 17 يناير/ كانون الثاني، 2011،
تُرى، ما الذي يجمع بين نهاية حقبة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وبين زوجته مصففة الشعر السابقة ليلى الطرابلسي وموقع ويكيليكس وثورة الياسمين؟
ولكن كيف؟
يبدأ التحقيق، الذي أعدته مراسلة الصحيفة في العاصمة البريطانية لندن، رولا خلف، بالاشتراك مع زميلتها في العاصمة التونسية تونس، هبة صالح، بمشهد فرار أفراد عائلة الطرابلسي خارج البلاد، حتى قبل هروب بن علي نفسه إلى السعودية.
كما يصوِّر التقرير أيضا مظاهر سلب ونهب قصور ومنازل أفراد عائلة الطرابلسي على أيدي أشخاص كانوا حتى الأمس القريب يخشون مجرد الاقتراب من تلك المباني التي أُضرمت فيها النيران بعد نهبها والعبث بها.
"لقد تم شراء كل هذا بأموالنا، بأموال ودماء الشعب التونسي. من يأتي بعدهم، كائنا من كان، لن يسرق بالتأكيد بقدر ما سرقوا. هذا هو، على الأقل، حلم التونسيين الذين يصبُّون الآن جام غضبهم على رموز الفساد في نظام بن علي، وخصوصا عائلة زوجته"
سميرة، موظفة تونسية
فقد اقتحم أشخاص في بلدة المرسى، الواقعة على مسافة حوالي 25 كيلو مترا شمالي العاصمة تونس، منزل جارهم السابق عماد وقاموا بنهبه وحرقه.
وتنقل الصحيفة عن سميرة، وهي موظفة تعمل في قطاع الصحة، قولها تعليقا على استهداف منازل أقرباء ليلى الطرابلسي: "لقد تم شراء كل هذا بأموالنا، بأموال ودماء الشعب التونسي".
وتضيف سميرة بقولها: "من يأتي بعدهم، كائنا من كان، لن يسرق بالتأكيد بقدر ما سرقوا. هذا هو، على الأقل، حلم التونسيين الذين يصبُّون الآن جام غضبهم على رموز الفساد في نظام بن علي، وخصوصا عائلة زوجته".
وينقلنا التقرير بعدها إلى ما كان قد نشره موقع ويكيليكس على شبكة الإنترنت العام الماضي من وثائق سرية مسرَّبة نقلت عن دبلوماسيين أمريكيين قولهم "إنه، على ما يبدو، أن نصف مجتمع المال والأعمال في تونس يرتبط بأسرة بن علي وزوجته ليلي عبر بعلاقات المصاهرة".
ويدلِّل التقرير على هيمنة أقرباء ليلي الطرابلس على مفاصل ومقدّرات الاقتصاد التونسي بسيطرة شقيقها بلحسن الطرابلسي على "مجموعة قرطاج" النافذة، والتي تهيمن على قطاعات السياحة والنقل الجوي والخدمات المالية والتأمين وتجارة السيارات في البلاد.
ويورد التقرير بشكل ساخر حادثة نقلت تفاصيلها إحدى المدونات على الإنترنت، زاعمة بأن بلحسن الطرابلسي وصل به الأمر إلى حد طلب الأموال مقابل كل ظهور له في صور مع أشخاص في حفلات الأعراس.
كما تذكِّرنا الصحيفة أيضا بدعوة بلحسن الشهر الماضي للرئيس بن علي لكي يرشِّح نفسه لرئاسة البلاد لفترة أخرى في الانتخابات الرئاسية لعام 2014.
ومن الأشخاص النافذين الآخرين في أسرة زوجة الرئيس السابق، والذي يسلِّط تقرير الفايننشال تايمز الضوء على نشاطاته الاقتصادية، صخر الماطري، صهر بن علي وزوجته ليلي.
"الغرب يريد ديمقراطية هناك، لكن ليس الكثير من الديمقراطية"
روبرت فيسك، مراسل بي بي سي في الشرق الأوسط
وينتقل التقرير إلى الحديث أيضا عن دور أسرة المبروك، وتحديدا رجل الأعمال الثري مروان المبروك، زوج سيرين بن علي، ابنة الرئيس المخلوع من زواجه الأول.
وتشمل استثمارات المبروك، التي يوردها التقرير، مجموعة مصارف وشركات اتصالات، بالإضافة إلى سلسلة متاجر ضخمة، مثل "سوبر ماركت جيان" في منطقة تقع على مشارف العاصمة تونس، والذي أحرقه المتظاهرون السبت الماضي.
بن علي وفيسك
وعلى عكس الكثير من المعلقين الغربيين الذين توقعوا في صحف اليوم والأيام السابقة أن تكون أحداث تونس مقدِّمة لتغيير ربما يهز المنطقة العربية برمتها، يقدم روبرت فيسك، مراسل صحيفة الإندبندنت في منطقة الشرق الأوسط، رؤية مغايرة. ففي مقال تحليلي تنشره الصحيفة اليوم، يتنبأ فيسك بأن نجاح التونسيين في خلع رئيسهم بن علي "ليس مؤشرا على بداية النهاية للحكام المستبدين في المنطقة".وينصح فيسك في مقاله بعدم الذهاب بعيدا في تفسير ما جرى، "فمحمد الغنوشي، الذي كان خادما لبن علي لنحو عشرين سنة، سيشكل حكومة تضمن مصالح الغرب عوضا عن مصالح شعبه".
ويذكِّر فيسك بما حدث في الجزائر التي أراد لها الغرب الديمقراطية في أوائل تسعينيات القرن الماضي. لكن عندما اتضح أن الإسلاميين قد يفوزون في الجولة الثانية من الانتخابات، عاجل الغرب إلى دعم الحكومة التي يساندها الجيش، والتي أشعلت حربا أهلية حصدت أرواح حوالي مئة وخمسين ألف شخص.
ويمضي فيسك إلى القول: "إن الغرب معني بالاستقرار وبالنظام في العالم العربي، حتى في مصر التي يحكمها نظام حسني مبارك الفاسد، فالغرب سيحصل على ما يريد".
وعلى الموقع الإلكتروني لصحيفة التايمز نطالع اليوم صورة للرئيس التونسي المخلوع، وقد راح أشخاص يدوسونها بأرجلهم، وتحت الصورة تعليق يقول: "غزيُّون يدوسون صورة بن علي تأييدا لانتفاضة التونسيين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق