السبت، 7 مايو 2011

"النذالة والجحود" 5 أبناء يلقنون والدهم درسًا قاسيًا أتهموه بالجنون


5 أبناء يلقنون والدهم درسًا قاسيًا فى "النذالة والجحود"
القاهرة: لم ترتكب يده الطاهرة جرماً ولم يرتكب قلبه العليل ذنباً، فقط قرر أن يسير فى طريق الحلال ويستكمل نصف دينه بعد أن رحلت عنه رفيقة العمر وتركت الوحدة تنخر فى عظامه وبات كعود أخضر فى أرض جدباء .
حقاً رحلت عنه الرفيقة والصديقة والسند وعندما بات على شفا حفرة من الموت البطىء قرر أن يبحث عن من تؤنس وحدته وتولول عليه عند مجىء الأجل، لكن ليته مافعل. فقد لقنه أبناؤه الخمسة درساً فى النذالة والجحود لم ينسه أبد الدهر وليسطر التاريخ قصة الأشقاء الخمسة الذين اتهموا أباهم بالجنون كى يحجروا عليه، لأنه تجرأ وتزوج امرأة قد تقدم له كسرة خبز أو كوب ماء، بعد أن بلغ من الكبر عتياً .
صدق الله العظيم فى قوله " إنما أموالكم وأولادكم فتنة فأخشوهم" لم يدر بخلد العجوز أن رحلة شقائه سوف تنتهى على أعقاب أبنائه الخمسة. وتزوج وهو فى السابعة والعشرين من العمر كان عاملا نشيطا فى إحدى شركات تصنيع الأجهزة الكهربائية. نشأ على يد أسطوات لقنوه أصول المهنة وجربوا معه كل أساليب الضرب والشتائم. النوم على البلاط وتحامل على نفسه أخذاً بالعبارة الشهيرة من علمنى حرفاً صرت له عبداً وصبر حتى تفوق على رؤسائه فى المهنة .
بعد مواعيد العمل الرسمية كان يتوجه إلى الزبائن فى منازلهم لإصلاح كل ماهو فاسد. اشتهر فى منطقة المطرية ولقبوه بالأستاذ. ذاع صيته وانتشر فى معظم مناطق القاهرة لمهارته وأمانته فى عمله. تفتحت له جميع أبواب الرزق. وكلما رزق بولد زاد رزقه حتى أنجب خمسة من البنين والبنات. وتفرغت الزوجة لرعايتهم، بينما تفرغ هو لجلب المال لهم وألحقهم بالمدارس الخاصة ثم انتقلوا إلى العيش داخل شقة فاخرة بمنطقة الزيتون والتحق الأبناء الخمسة بالكليات .
ذات يوم همست له رفيقة العمر فى أذنه لابد من تأمين مستقبل الأبناء الحياة صعبة. لابد من شراء قطعة أرض وبناء منزل عليها لفلذات الأكباد. فهو قد فتح الله عليه وأعطاه من نعمه الكثير. أصبح يمتلك محلاً كبيراً لإصلاح جميع الأجهزة الكهربائية. ولديه طابور من الصبية لمساعدته. وألحت رفيقة العمر وهو ضعيف أمام طلباتها. فهى التى سهرت وعلمت حتى وصلت بالأبناء إلى بر الأمان. ولم يكذب خبراً. اشترى قطعة الأرض بمدينة العبور وأقام عليها عمارة فاخرة تحيطها حديقة وكتب لكل ابن شقة حتى البنات نلن نصيبهن مثل الذكور وتزوج الأبناء الخمسة وبمعاونة زبائنه من أصحاب المناصب العليا تمكن من توظيفهم فى شركات ووزارات مرموقة.
بعد أن أزاح عن كاهله عبء الأبناء الخمسة، قرر أن يتفرغ للعبادة بصحبة زوجته فهو يمتلك الكثير وصحته باتت لا تقوى على العمل وبصره أشرف على الزوال وقرر التفرغ لرفيقة العمر، إلا أن القدر لم يمهله واختطف الموت من وقفت بجواره 28 عاماً ورحلت ومعها رحلت الصحة والفرحة والسند وانشغل عنه أبناؤه شيئا فشيئا حتى انقطعوا عن زيارته وتركوه فريسة للوحدة والمرض كان يتسول منهم السؤال حتى عبر الهاتف أغدق عليهم الأموال والهدايا كى يرق قلبهم دون جدوى حتى طرقت جميع الأمراض بابه وهاجمته الشيخوخة .
وهمس له صديق العمر فى أذنه وعرض عليه فكرة الزواج من امرأه ترعاه وتستقبل ملك الموت إذا طرق بابه وتكتم فمه وتقيد قدمية حتى لا يتحول ذلك الجسد الطاهر ذات يوماً إلى جثه عفنة تفوح رائحتها لتعلن لأصحاب القلوب المتحجرة أن بداخل هذا المكان جثة تعفنت بعد أن زهقت روحها إلى بارئها وكأن هذه الرائحة الكريهة فاحت من الجثة لتقول وارونى سامحكم الله خلف الثرى وزلزت تلك الكلمات كيان الأب وأدرك أن ملك الموت قد يطرق بابه وهو وحيد وقد تتحلل جثته وتتعفن لسنوات دون علم أبنائه وتسأل: لما لا ؟ فهو يملك المال وسمعته طيبة فى كل المناطق وأى امرأه تتمنى أن تؤنس وحدته ورشح له صديقه جارة تقيم فى المنزل المجاور له.
فقد فاتها قطار الزواج بسنوات وهى على أعتاب الستين من العمر لكن تتمنى أن تدخل ونيساً وتم الزفاف خلال أيام وانتقلت العروس العجوز إلى عش الزوج الكهل وتفرغت لخدمته وكانت ممرضة أكثر من زوجة وشغف بها العجوز حباً وكى يؤمنها غدر أبنائه كتب لها شقة وبعض الأموال باسمها فى البنك حتى علم الأبناء الجحداء أن أباهم تزوج وقامت الدنيا ولم تقعد.. لابد أنه قد أصابه الجنون كيف تسكن إمرأه غير المرحومة فى الشقة لابد أنها ستشاركنا فى الميراث فليذهب هو ومرضه إلى الجحيم المهم أن تبقى الثروة.
المشكلة أننا انشغلنا عنه من خمس سنوات لم نسمع صوته إيه يعنى الدنيا مشاغل، واتفق الأبناء على العجوز المريض وتوجهوا إلى المحكمة وأقاموا دعوى حجر على أبيهم وقدموا للمحكمة شهادات مرضية مزورة تفيد بأن أباهم أصابته هزة عقلية وبات غير مسئول عن أفعاله وتصرفاته ويرتكب أفعالا مشينة واستدعت المحكمة برئاسة المستشار محمود خليل رئيس محكمة الأسرة بالقاهرة الأب الذى ظهرت على ملامحمه علامات الإيمان والوقار وسرد أمام المحكمة رحلة شقاء عمرها 60 عاماً تجرع خلالها كل صنوف العذاب والهوان ليوفر حياة كريمة لهؤلاء الذين اتهموه بالجنون لأنه بحث عن امرأه ترعاه ورمقت هيئة المحكمة هؤلاء الجحداء بنظرة تهز الجبال الراسيات بينما هم تراصوا كقطع الصنم حتى كادت جباههم تلمس الأرض من الخجل وانصرفوا دون أن يتفوه أحدهم بكلمة وقررت المحكمة رفض دعوى الأبناء ومباركة زواج العجوزين .

ليست هناك تعليقات: