الأربعاء، 13 يوليو 2011

كاميرات متناهية الصغر على هيئة اقلام وساعات وأجهزة لاقط إشارة يتم بيعها في "السر"..آلآن فى مصر


أجهزة التنصت علي الرصيف
خطر ينتهك الحياة الخاصة.. وينذر بكارثة اجتماعية
كاميرات وأدوات دقيقة "محظورة" تدخل البلاد بالتهريب
يتم بيعها في "السر".. وفي المحال التجارية.. وعلي الرصيف!!
رجال الأمن والخبراء:شحنات عديدة من الأجهزة تم ضبطها.. مهربة من الخارج
أقلام.. نظارات.. مفاتيح سيارة.. لنقل الصوت والصورة

هشام عبدالحفيظ

أجهزة ووسائل دقيقة.. معروف أنها تستخدم لدي أجهزة المخابرات في جميع دول العالم.. نجدها الآن قد دخلت مصر- بطرق مهربة- تباع "علي الرصيف" وفي المحال التجارية.. يستغلها البعض في "اختراق" حرمة الحياة الخاصة للأشخاص.. في المنزل.. في المكتب.. في السيارة.. والدوافع لذلك عديدة ومتشعبة.
أجهزة الأمن ضبطت بالفعل شحنات عديدة من هذه الأجهزة قادمة من الخارج- مهربة- مع أشخاص أحياناً.. وداخل حاويات.. أحياناً أخري.. وعند سؤال حائزي هذه الأجهزة عن سبب إدخال هذه الأجهزة "مصر" يكون الرد.. "للاتجار فيها".
بالإضافة للخطر الذي يهدد الأمن القومي من انتشار تلك الأجهزة.. فإن انتشارها يهدد أيضاً "الحياة الخاصة" "بكل ما تعني الكلمة".. ويؤدي إلي ظهور مشاكل وأمراض اجتماعية تهدد بكارثة في كافة قطاعات المجتمع المصري.
رجال القضاء طالبوا "بثورة تشريعية" لتغليظ العقوبة علي حائزي تلك الأجهزة الذين يستغلونها في انتهاك حرمة الحياة الخاصة حيث يرون أن العقوبة الحالية المنصوص عليها في القانون حالياً لا تتناسب مع طبيعة هذا "الجرم".
تمكنت أجهزة الأمن في الفترة الأخيرة من ضبط العديد من تلك الأجهزة.. فقد ألقت مباحث الأموال العامة القبض علي أحد الأشخاص بالجيزة وبحوزته 139 قلماً أسود اللون مجهول المصدر مكون من قطعتين تعلو أحدهما كاميرا دقيقة جداً وبها ذاكرة للتخزين وكذلك 10 ساعات يد رجالي مزودة بكاميرا فيديو تسجل صوت وصورة كما تم ضبط 10 كاميرات مراقبة مختلفة الأحجام بوصلاتها وأجهزة شحنها. كما نجحت الجهود في ضبط مستورد تلك الأجهزة.
وفي السياق نفسه. أسفرت الجهود عن ضبط صاحب شركة قام بالإعلان في إحدي الصحف عن بيع تلك الأجهزة فتم تقنين الإجراءات لضبطه وبتفتيش مقر الشركة عثر علي 20 قلماً مزوداً بكاميرات للمراقبة والتسجيل صوتاً وصورة..!!
وفي ميناء العين السخنة تمكنت أجهزة الأمن منتصف الشهر الماضي من ضبط حاوية تحوي مستلزمات أجهزة كمبيوتر مستوردة من الصين بداخلها أجهزة تنصت مخفاة - أجنبية الصنع - محظور تداولها وممنوع دخولها البلاد لخطورتها علي الأمن القومي وعثر داخل الحاوية علي 26 آلة تصوير 2 جيجا فيديو رقمية قابلة للشحن مزودة بشاحن علي أشكال "قلم. وساعة يد. وريموت سيارة. ونظارة. ومفتاح كهربائي. وساعة مكتب. وساعة بالموبايل مزودة بكاميرا" و2 ميكرو كاميرا بكارت ميموري بالشاحن. و3 أجهزة لاقط إشارة لأجهزة متعددة بالسماعة. و34 جهاز مانع إشارة بمشتملاته. و3 كاميرا مراقبة لاسلكية من 2 إلي 4 جيجا بايت حيث تبين أن الحاوية خاصة بصاحب شركة أجهزة كمبيوتر بمحافظة الدقهلية للإتجار فيها داخل البلاد.
استطلعت "الجمهورية" آراء عدد من خبراء الأمن والقانون حول انتشار تلك الأجهزة وكيفية إدخالها إلي البلاد ومدي قدرة أجهزة الأمن علي حماية الحياة الشخصية التي كلفها الدستور للمواطنين من خطر استخدام تلك الأجهزة فأكدوا أنه بالرغم من أن القانون يمنع استيراد هذه الأجهزة إلا بموافقة الأمن العام والمجلس القومي للاتصالات نظراً لكونها تمثل تهديداً للأمن القومي إلا أنها تدخل إلي البلاد بشحنات مهربة ومخبأة ببعض الأمتعة أو البضائع نظراً لصغر حجمها مؤكدين أنه مع التطور التكنولوجي المذهل والمتزايد الذي نشهده أصبحت تكنولوجيا التجسس حقيقة واقعة وهو ما يضع عبئاً كبيراً علي الأجهزة الرقابية وأجهزة الأمن لملاحقة كشف تلك الأجهزة التجسسية وضبطها مؤكدين أن أجهزة الأمن لديها إمكانيات عالية المستوي للتصدي لمثل هذه الجرائم التي تتم باستخدام تلك الأجهزة والتي من شأنها الإضرار بالحياة الخاصة للمواطنين وأيضاً المصالح العليا للبلاد.
مهندس الالكترونيات أحمد عبدالعليم "42 سنة" يقول: إن أجهزة التجسس أخذت أشكالاً متنوعة فمنها ما يأخذ شكل قلم وآخر يختبيء بعين دمية أو ميدالية أو نظارة شمسية أو حزام أو رابطة عنق. وكل هذه الأشكال تحتوي علي كاميرات متناهية الصغر يتم من خلالها التصوير صوت وصورة بطريقة واضحة بدون أن يلاحظ أحد وجودها علي الإطلاق ولا يمكن اكتشافها وأن هناك من يقبل علي شرائها لرخص ثمنها حيث يتم تهريبها وإدخالها إلي البلاد من الصين التي تتميز برخص منتجاتها في السوق المصرية كما أن هناك مصانع محلية غير مرخصة لتقليد تلك المنتجات وطرحها بالسوق واستخدامها ككاميرات تصوير فيديو وهناك أجهزة أخري تستخدم للتنصت علي أجهزة التليفونات الأرضية والمحمولة وهو ما يشكل خطراً كبيراً علي المجتمع ويضعنا أمام ضرورة ملحة لاستصدار قوانين جديدة للسيطرة علي استخدام تلك الأجهزة ووضعها في الإطار الصحيح.
أكد مصدر أمني رفيع المستوي ل "الجمهورية" أنه بالرغم من أن أجهزة الأمن بوزارة الداخلية لا تتواني عن كشف تلك الأجهزة وتشديد الرقابة علي الموانيء والمطارات للحيلولة دون تهريبها وإدخالها إلي البلاد إلا أننا لا ننكر وجودها في الداخل بكميات كبيرة تباع بالمحال التجارية وعلي الأرصفة في بعض الأحيان والمناطق وأن انتشارها بهذه الصورة قد يشجع علي استخدامها في أغراض "خبيثة" كالتجسس علي الغير وابتزازه. مشيراً إلي أن مواد الدستور كفلت حرمة الحياة الخاصة والمساكن للمواطنين بحيث لا يمكن لأي سلطة الاقتراب منها إلا بأمر قضائي لذا تمثل هذه الأجهزة انتهاكاً كاملاً للخصوصية والأعراض كما أن صناعتها في تقدم مستمر حيث شهدت تلك الصناعات في السنوات الأخيرة تطورات تقنية كبيرة وهو ما يستوجب علي المشرع المصري تعديل القوانين الحالية الخاصة بتداول تلك الأجهزة واستخدامها بحيث تصبح قادرة علي مواكبة تلك التطورات والتعامل معها.
أكد المصدر أن أجهزة الأمن تحرص دوماً علي مراقبة تلك التطورات التقنية التي تشهدها أجهزة التجسس الالكترونية وتدريب الضباط بمختلف القطاعات علي كشفها لتكون قادرة علي مواجهة الجرائم الالكترونية وضبط مرتكبيها بل وإحباطها قبل ارتكابها في بعض الأحيان. مشيراً إلي أن وزارة الداخلية تضع هذا المجال ومجالات الجرائم المعلوماتية وحماية حقوق الملكية الفكرية في مقدمة اهتماماتها نظراً لتطور الجرائم المتعلقة بتلك المجالات بسرعة رهيبة وأن وزارة الداخلية قامت بإنشاء أول إدارة لمكافحة الجرائم المعلوماتية كشرطة متخصصة منذ عام 2001 وهي إدارة مباحث مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق وضبط العديد من القضايا محلياً وعربياً ودولياً في مجال الاعتداء علي الملكية الفكرية وبطاقات الائتمان وسرقة البريد الالكتروني والمواقع واختراق مواقع البيانات والسرقة والنصب والاحتيال وجرائم الابتزاز التي تتم باستخدام أجهزة التنصت والتجسس الحديثة كما أن هناك حملات مستمرة علي مصانع "بير السلم" غير المرخصة والتي تقوم بتصنيع وتقليد تلك الأجهزة.
من جانيه أكد د. أحمد عبدالظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة أن الدستور والقانون الجنائي كفلا لكل مواطن ومواطنة حرمة الحياة الخاصة ويجرم القانون كل فعل من شأنه انتهاك هذه الحرمة أو العدوان عليها ويترصد المعتدي بعقوبات رادعة. مشيراً إلي أنه لوحظ في الآونة الأخيرة مع انتشار أجهزة الموبايل بما تتمتع به من خاصية التسجيل الصوتي والمرئي وكذلك مع تزايد استعمال الشبكة العنكبوتية "الانترنت" بما يتوافر معها من كاميرات "الكام" التي لها القدرة علي التصوير المرئي والتسجيل الصوتي وانتشار أجهزة التجسس الحديثة أن البعض يسيء استخدام هذه الأجهزة وقد حرص المشرع علي مواجهة ذلك حيث ينص القانون علي أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة كل من اعتدي علي حرمة الحياة الخاصة للمواطن" وذلك بأن استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون أو النقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص في مكان خاص ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها وذكرت مواد القانون بلفظ عام "الأجهزة المستعملة في ارتكاب الجريمة أياً كان نوع هذه الأجهزة" بما يفيد أن يندرج تحت هذه الجريمة وعقوبتها ما قد يستجد في الحياة من أجهزة حديثة لم تكن معروفة من قبل.
أضاف أنه لابد من تغليظ العقوبة المقررة لجرائم التعدي علي حرمة الحياة الخاصة للمواطنين خاصة في ظل انتشار أجهزة التنصت والتجسس التي صغر حجمها وكثرت مصائبها.

ليست هناك تعليقات: