الاثنين، 6 ديسمبر 2010

: النساء والحشيش والانتحار مذكرات عبد الحكيم عامر (السرية)

شمس بدران: النساء والحشيش والانتحار في حياة المشير عامر
فصول قصيرة من مذكرات وزير حربية النكسة


شمس بدران: النساء والحشيش والانتحار في حياة المشير عامر

اعترافات شمس:

- لا أعرف هل كان المشير يحب المطربة وردة أم لا.. لكن القصة الوحيدة المؤكدة كانت زواجه من برلنتي عبدالحميد

- عامر لم ير الحشيش في حياته.. لكن طريقته في الكلام كانت تشبه المساطيل فاعتقد البعض أنه يتعاطاه

لا تتوقف المفاجآت في الضجة التي أثيرت حول مذكرات شمس بدران، فبعد أن كانت مؤسسة الأهرام تصدر الأمر علي أن ما قامت بتسجيله مع شمس في لندن - 36 ساعة بالتمام والكمال، ظهر أن هذا التسجيل لم يكن الأول في حياة شمس بدران.

فهناك محاولة قام بها منذ سنوات المذيع والمحاور اللامع طارق حبيب، كان طارق يجهز لمشروعه الكبير "ملفات الثورة" أجري حوارات مع من بقي علي الحياة من صناع الثورة المصرية، وكان من بينهم شمس بدران، استغرق حوار طارق مع شمس بدران في لندن عدة ساعات.

لكن طارق لم يقدم الحوار الكامل مع شمس ضمن حلقات "ملفات الثورة" التي عرضها في 20 حلقة كاملة، فقد كان يستعين بكلام ضيوفه علي طول الحلقات، لكن نص الحوار الكامل مع شمس نشر مرة واحدة، في العدد الأول من مجلة "الجيل" التي أسسها ورأس مجلس إدارتها الصديق عمرو مصطفي كامل في مايو 2000 حيث صدر العدد الأول منها.

عمرو قال لي إنه عندما شاهد حلقات "ملفات الثورة" لفت انتباهه وجود شمس بدران في الحلقات، فأجري اتصالا مع طارق حبيب، وحصل منه علي النص الكامل للحوار، وقام بنشره علي 6 صفحات من المجلة، وعندما حصلت علي نص الحوار، وجدت فيه إشارات من طارق حبيب خلال أسئلته لشمس، توحي بأن طارق قرأ مذكرات شمس، قال له مثلا في أحد الأسئلة: "يوم تنحي عبدالناصر عن السلطة ماذا كانت ظروفه، وقد قلت في مذكراتك إن هناك يومين للتنحي"

المعني واضح لا يحتاج إلي مزيد من الإيضاح، فهناك مذكرات وقد اطلع عليها طارق حبيب قبل أن يجري الحوار، لكن لا أحد حتي الآن يعرف مصير هذه المذكرات.

لم أنظر لحوار طارق مع شمس بدران علي أنه مجرد حوار صحفي، لكنه في النهاية جزء من مذكراته، وحتي نعرف ما الذي يمكن أن تحتويه هذه المذكرات، فإننا نقدم بعض الفصول القصيرة منها.

1- عامر وحياته الخاصة

يقول شمس بدران: كان المشير عبد الحكيم عامر مشغولا بحياته الخاصة، لكن أحب أن أقول هنا حتي نكون صادقين مع أنفسنا وهناك عدل في الكلام أن المشير عامر هو الذي أنشأ القوات المسلحة المصرية الحديثة، فقبل عامر وقبل الثورة كان هناك جيش كنا نسميه جيش المحمل، كل هدفه الاستعراضات فقط، يعني استعراضات طوابير يمين شمال، هو ده جيش مصر قبل الثورة.

لم يكن الجيش متطورا بالمعني الصحيح، لكن أستطيع أن أقول إن عامر هو الذي طور الجيش المصري، وهو الذي خلق القوات المسلحة الحديثة، لكن بعد ذلك حاول المشير عامر الخروج من السلطة أكثر من مرة، لكنه لم يستطع للصلات العاطفية التي تربطه بجمال عبدالناصر، ولما أجبر علي هذا البقاء فقد الاهتمام وانصرف إلي مواضيع أخري منها قصة حبه وزواجه من الفنانة برلنتي عبد الحميد، وقيل أيضا إنه تعرف بالفنانة وردة الجزائرية، ولا أعلم إن كان ذلك شائعة من وردة أم من آخرين، لكن القصة الوحيدة المؤكدة في حياة عامر هي برلنتي عبد الحميد.

لقد تحدث البعض عن مزاج عامر الخاص، وأنا أسأل ماذا يعني مزاجه الخاص؟ هل يقصد به ما أشيع حول أنه كان يتعاطي الحشيش، المشير عامر لم ير الحشيش طوال عمره، ولا يستطيع التعرف علي شكله، لكن طريقة المشير في الكلام كانت تشبه المساطيل شوية، وأعتقد أن هذه كلها شائعات، وهذه الشائعات سببها أن المشير عامر كان حوله بعض الناس معروف عنهم أنهم حشاشون.

ثم إن الرئيس جمال عبدالناصر كان يعرف علاقة عبد الحكيم عامر ببرلنتي عبدالحميد، ويشجعه عليها، لكن بالنسبة لتطور هذه العلاقة إلي زواج فلا، كان يشجعه فقط علي إقامة علاقة معها.


2- سر علاقة ناصر بشمس

يقول شمس بدران: أعتقد أن المشير عامر لم يكن محبذا لاختياري وزيرا للحربية، وأذكر هنا أن حكومة زكريا محيي الدين رفعت أسعار بعض السلع التموينية مما أدي إلي ردود أفعال سلبية لدي الجماهير التي اعترضت علي ذلك، وكنت أثناء ذلك في مكتب الرئيس عبدالناصر، وقال لي أنا عايز أغير الحكومة وأجيب حكومة جديدة، وأنا محتار أجيب مين وكان مترددا في ذلك.

فقلت له الدولة الآن عبارة عن دولة مؤسسات، والدولة أصبحت مؤسسة كبيرة، وإن كنت رئيس حكومة ناجحا، فعليك أن تختار شخصا تولي مسئولية كبيرة وحقق نجاحا في ذلك وبسرعة.


فقال عبدالناصر لي: مثل من؟ قلت له مثل صدقي سليمان وزير السد العالي بعدها، فبعد فشل أكثر من وزارة أشغال في تنفيذ مشروع السد الذي نفذ أثناء تولي صدقي مسئولية هذه الوزارة وبكفاءة عالية، وأضفت أن شخصا مثل صدقي سليمان يمكن أن يقدم نتائج جيدة.

فقال لي عبدالناصر: ومين كمان؟ قلت له السياحة بالنسبة لمصر ممكن أن تحقق دخلا كبيرا لو تم استغلالها جيدا، لأنه الآن مفيش وزير متطور، وسألني عبدالناصر: ومن يصلح لذلك؟ فقلت أمين شاكر وكان سفيرا لمصر في احدي الدول الأوروبية، وأعتقد أنه لو تولي وزارة السياحة سيحييها وينشط دخلها بصورة كبيرة.

كان الرئيس عبدالناصر يثق في ويأخذ برأيي، والدليل أنه نفذ ما قلته له، فقام بتعيين صدقي سليمان رئيسا للوزارة وتعيين أمين شاكر وزيرا للسياحة وتوليت أنا وزارة الحربية "غصب عني" لأنني كنت أفضل عدم البقاء في الجيش.



3- عامر دخل الحرب وناصر انسحب منها


يقول بدران: بعد الهجوم علي العريش وسقوطها حدثت معركة المدرعات، بعدها اتصل المشير عامر بعبدالناصر، وكنت وقتها موجودا في مكتب عبدالناصر وقادة الجيش إضافة إلي علي عامر رئيس القيادة الموحدة، وأثناء المكالمة أطلع عامر الرئيس عبدالناصر علي الموقف، وقال له: ماذا نفعل؟ فقال عبدالناصر: ننسحب طبعا.
وبعد هذه المكالمة حصل موقف آخر في مكتب المشير عامر وكنت معه عندما طلب عبدالناصر، وقال له وهو يبكي بشدة: حأجيب لك ولادنا كلهم يا جمال، وكانت هذه هي المرة الأولي التي ينادي فيها المشير عامر عبدالناصر باسمه جمال دون كلمة الريس، وعند انتهاء المكالمة قال لي المشير عامر وهو يبكي أن عبدالناصر كان يبكي طوال المكالمة وهو يقول: سامحني يا حكيم.. .سامحني يا حكيم.
وبعد هذه المكالمة جري سحب القوات المصرية دفعة واحدة بدلا من الانسحاب علي مراحل وهو المتفق عليه مسبقا.
وأذكر أنه قبل الحرب بأيام والطيارون في ذلك الوقت كانوا متحمسين ويريدون الحرب، اجتمع بهم عبدالناصر في مطار أبوصوير وكان هيكل حاضرا، وكان عبدالناصر يخطب فيهم وأوضح أننا لن نحارب، وعقب سماعهم لخطبة عبدالناصر حدث عندهم هبوط في الروح المعنوية، وحالة من الوجوم الشديدة شعر بها عبد الحكيم، وعقب انتهاء الزيارة وخروجنا من المطار رجع المشير عامر إلي الطيارين وقال لهم: لا تخافوا يا ولاد إننا سنحارب، ثم عاد إلينا مرة أخري.
وأثناء عودتنا قلت للمشير عامر ونحن في السيارة إن ما ذكره عبدالناصر في خطبته كان محبطا، ولا يجب أن يقال في مؤتمر مثل ذلك لأننا خفضنا الروح المعنوية في القوات المسلحة، وعند وصولي لمنزلي طلبني المشير عامر تليفونيا وقال لي إن ما ذكرته أنا في السيارة ذكره هيكل للرئيس عبدالناصر، وهو يريد أن تحدثه لأنه يريد سماع نفس الكلام منك، ثم أجريت مكالمة تليفونية مع الرئيس عبدالناصر وقلت له إن الانطباع الذي أخذته أنه لا توجد حرب والناس روحها المعنوية انخفضت.
وعلمنا بعد ذلك أن عبدالناصر طلب من سامي شرف معرفة الجهات التي قامت بتسجيل خطبته في أبوصوير، وقال له سامي إن أربع جهات هي التي سجلت خطبته منها الإذاعة والشئون المعنوية بالقوات المسلحة، فطلب عبدالناصر احضار الشرائط وإعدامها إلا أن سامي أعدم ثلاثة شرائط فقط، واحتفظ بالرابع لأنه كما ذكر لأحد أصدقائه المعتقلين معه في السجن سيخدمه كدليل ضد عبدالناصر لو حدث أي شيء.
4- وقائع يوم التنحى

يقول بدران: حدثني المشير عامر قائلا إننا اتفقنا أنا وعبدالناصر علي التنحي والبيان سيصدر غدا، وعبدالناصر اقترح أن تكون أنت رئيسا للجمهورية، وأنا أقول لك إن عبدالناصر هو صاحب الاقتراح وليس أنا، وهذا يعني أن عامر لم يكن موافقا علي ذلك.


قلت لعبد الحكيم: لا أنا غير موافق علي تولي منصب رئيس الجمهورية، فرد عامر: تحدث مع عبدالناصر في الموضوع فهو الذي رشحك، وفي اليوم التالي طلبت عبدالناصر تليفونيا وقلت له إن المشير عامر سيترك القيادة والسلطة وأنا سأتركها معه، فقال لي عبدالناصر: لا لا أنا عايزك جدا يا أستاذ وألمح لموضوع تولي رئاسة الجمهورية.


ولما قلت له أنا غير موافق علي هذا الموضوع، قال لي أنا غيرت رأيي ورأيت أن زكريا محيي الدين يتولي الرئاسة، لأن بصراحة يا شمس الأمريكان يريدون رأسي، فأنا سأسلم رأسي لهم وسوف أستعين بزكريا وهو الراجل بتاعهم حتي يمكنه التفاهم معهم ويخلص مصر من هذه المشكلة.

عند سماعي لهذا الكلام بكيت في التليفون من موقف شخص يضحي بنفسه في سبيل بلده، ولكن ما ظهر فيما بعد كان غير ذلك تماما، والحقيقة كانت أن عبدالناصر قرر تغيير رأيه في توليه الرئاسة من شمس لزكريا، لأنه قرر العودة لمنصب الرئيس فلو أعلن أن شمس بدران سيتولي منصب الرئاسة فسيغضب ذلك منه كل الناس الكبار مثل زكريا محيي الدين والسادات وعلي صبري وسيغضب الناس كلها، وأنا أري أن عبدالناصر لو كان يريد التنحي فعلا لكان ولي شمس بدران ولم يهتم بآراء هؤلاء.

وفي خطاب التنحي تم رفع اسم شمس بدران منه في تولي رئاسة الجمهورية، وحل محله اسم زكريا محيي الدين، لكن عند وضع اسم زكريا بقيت الفقرات الأخري في الخطاب، دون تغيير، ودلت علي ذلك بوضوح ما جاء بعد اسم زكريا من أن القيادة الجديدة شباب وهذا كلام لا ينطبق علي زكريا، وهيكل الذي صاغ البيان نسي أن يزيل مع اسم شمس بدران هذه الصفات.
وعندما اكتشف عامر أن عبدالناصر غير من شمس بدران إلي زكريا محيي الدين لعب الفأر في عبه، وأدرك أنه لابد أن يكون هناك شيء في الأمر، وهو أن عبدالناصر يريد أن يعود مرة أخري إلي الحكم، اتصل عبد الحكيم عامر برئاسة الجمهورية من السيارة من خلال تليفون لاسلكي وعبدالناصر يذيع البيان، وقال لمحمد أحمد السكرتير أدخل ورقة لعبدالناصر واكتب فيها أن شمس بدران بدلا من زكريا محيي الدين، ونفذ محمد أحمد ذلك فأخذها عبدالناصر وفتحها وقرأ ما فيها ثم طبقها وأكمل بيانه، ولم ينفذها لأن العودة كانت في دماغ عبدالناصر لأنه عندم اقترح اسم شمس بدران لم يكن يدور بخلده أن يعود لرئاسة الجمهورية.

5- حقيقة انتحار المشير عامر

كانت لدي المشير عامر نية الانتحار، وأرسل في احضار حقيبة من منزله إلي مقر القيادة، وكان يحاول أن يخفيها، وشعرت أن بها شيئا، فكلمت حسن عامر شقيقه فوجدته بالعراق، ثم طلبت من جمال عبدالناصر أن يحضر، فلم يأت، لكنني قلت له لابد أن يأتي لأني حاسس أن المشير عامر عايز ينتحر، فقال لي أنا سآتي وأريحه خالص وأمسك القيادة لأن عامر أعصابه فلتت
أما عن واقعة اعتقال عامر فلم أحضرها لأنني لم أكن موجودا، وأذكر أن عبدالناصر أرسل في طلبه، وهو ينوي السفر إلي الخرطوم وكان عبدالناصر لا يريد أن يسافر ويترك عامر، فلم يكن هناك سوي حل من اثنين، الأول أن يصحب المشير عامر عبدالناصر في رحلته للخرطوم، وهو غير ممكن لأن عامر خارج السلطة، والثاني أن يحدد إقامته ليضمن أنه لن يفعل شيئاً في غيابه، وكان هيكل في تلك اللحظات هو وسيلة الاتصال الخاصة جدا بين عبدالناصر وعامر وانتهز عبدالناصر أن هيكل لديه قبول لدي عامر، فجعل هيكل يقنع عامر بأن يذهب لمنزل عبدالناصر ويتناول العشاء ويتحدثوا في المواضيع كلها.

وكان أيضا محمود الجيار مدير مكتب عبدالناصر صديقا للاثنين أيضا، و«واخدين» عليه واقنع الجيار عامر بأن يذهب لتناول العشاء في منزل عبدالناصر، إلا أن أحد ضباط الصاعقة في منزل عامر حذره قائلا: لا تذهب إلي هناك لأن عبدالناصر سيعتقلك، ورد عامر: اسكت هذا كلام فارغ، وما علمته بعد ذلك أن المشير عامر عند دخوله تم تفتيشه وأخذوا منه طبنجته الخاصة لأن عبدالناصر كان يخشي أن يفعل أي شيء.

أنا لم أر إن كان المشير انتحر أم لا، لكن كل الدلائل تقول إنهم دفعوه إلي الانتحار مثلما أرسل هتلر السم لروميل، وقال له انتحر.

6- هذه الفصول القصيرة من مذكرات شمس بدران

هذه نماذج فقط مما قاله شمس بدران، ولن تخرج مذكرات الرجل عن ذلك بأي حال من الأحوال، فما الذي أزعج معارضي نشر المذكرات، إن الجنازة حارة، والميت لا شيء، إنني لن أعود إلي موضوع المذكرات مرة أخري، لكن علي الأقل سأظل علي موقفي من أن من يعارضون نشرها لأسباب شخصية أو سياسية، إنما يعتقلون الحرية ويحرمون أجيالا لم تعاصر الحدث من الإنصات إلي من صنعوه.. حتي لو لم يكونوا شرفاء.

ليست هناك تعليقات: