السبت، 15 أكتوبر 2011

‬وجاءت البشري التي انتظرتها بفارغ‮ ‬الصبر‮.. ‬وقالت لي‮: ‬مبروك أنا حامل‮!‬

‮حسين حمزة

قبل انتصاف الليل بقليل‮.. ‬دخل العجوز مديرية أمن المنيا‮.. ‬سأله ضابط الأمن عن وجهته‮.. ‬رد عليه‮: ‬أريد مقابلة مدير المباحث لأمر مهم‮!‬
بعد دقائق‮.. ‬كان الرجل يقف أمام اللواء علي سلطان مدير المباحث‮ ‬يتصبب عرقا‮.. ‬يتحدث بصعوبة بشفاه مرتعشة‮.. ‬وغير قادر علي الوقوف علي قدميه‮!‬
أجلسه الضابط وطلب منه أن يروي حكايته‮.. ‬قال الرجل‮:‬
‮< ‬أنا رجل بسيط‮.. ‬أعمل مزارعا منذ طفولتي‮.. ‬وعندما بلغت العشرين عاما‮.. ‬قررت أن أكمل نصف ديني‮.. ‬تزوجت للمرة الأولي‮.. ‬كنت أظن ان الجنة فتحت لي أبوابها‮.. ‬لكني اكتشفت انني كنت واهما‮.. ‬المشاكل اليومية بسبب ضيق ذات اليد دفعت زوجتي لطلب الطلاق‮.. ‬وبالفعل انفصلنا‮!‬
ـ تسقط من العجور دمعتان وهو يتذكر حكايته ثم يكمل‮:‬
‮< ‬حاولت نسيان التجربة‮.. ‬لكن أهلي وأصدقائي ضغطوا عليَّ‮ ‬فكانت الزيجة الثانية،‮ ‬وصدق إحساسي وفشلت أيضا،‮ ‬وبمرور السنين كررت هذه التجربة الفاشلة خمس مرات‮.. ‬دون أن أحصد الحلم الذي كنت أعيش من أجله بإنجاب طفل يحمل اسمي‮. ‬رشح لي بعض أهل الخير ببلدتي ـ سمالوط ـ سيدة مطلقة تصغرني بأربعين عاما‮.. ‬حكيت لها ظروفي بكل صراحة‮.. ‬ردت علي بوعد قطعته علي نفسها انها ستعوضني خيرا ولن تتخلي عني لحظة واحدة‮.. ‬حمدت الله‮.. ‬ولأول مرة أشعر بطعم الفرحة في حلقي‮. ‬وجاءت البشري التي انتظرتها بفارغ‮ ‬الصبر‮.. ‬وقالت لي‮: ‬مبروك أنا حامل‮!‬
‮.. ‬أخيراً‮ ‬سيأتي من يحمل اسمي ـ سأسمع كلمة‮ »‬بابا‮«.. ‬كنت أعد الساعات والدقائق حتي تنتهي فترة الحمل ويتحقق حلمي‮.. ‬لكن زوجتي استكثرت عليَّ‮ ‬فرحتي‮.. ‬عكننت علي عيشتي‮.. ‬وأصبحت تتشاجر معي علي أتفه الأسباب وأخيراً‮ ‬انفصلنا بعد وصول الطفلة إلي الدنيا‮!‬
ـ مرة أخري تهزمه دموعه‮.. ‬ثم يعود ويستطرد قائلا‮:‬
‮< ‬اسودت الدنيا في وجهي‮.. ‬تمنيت لنفسي الموت فلم يعد لي ما أعيش من أجله‮.. ‬لكن شيئا ما استوقف أحزاني‮. ‬وأيقظني من حالة الانكسار التي استسلمت لها‮.. ‬عندما وصلني خبر يفيد ان طليقتي كانت علي علاقة مشبوهة بأحد الأشخاص وهي علي ذمتي‮.. ‬كما انني عقيم‮.. ‬إذن الطفلة بنت من؟‮!‬
اشتعلت النار في قلبي‮.. ‬بدأت أبحث عن الحقيقة‮.. ‬فسألت عن الطفلة أكثر من مرة لأقضي معها بعض الوقت لكنها كانت تخرج عليَّ‮ ‬بأي حجة تبرر عدم وجودها حتي عرفت انها ماتت‮!‬
ـ يقاطعه مدير المباحث‮: ‬ماذا يدور في رأسك الآن؟‮!‬
‮< ‬اتهمها بقتل ابنتي والحمل سفاحا
تصدر التعليمات للرائد سعد عبدالجواد رئيس مباحث مركز سمالوط بتحرير محضر بأقوال العجوز‮.. ‬وخلال دقائق يلقي النقيب‮.. ‬أحمد حسن ومحمد منير القبض علي الزوجة‮.. ‬بمواجهتها بأقوال طليقها حاولت تبرير موقفها ان الطفلة توفيت طبيعيا‮.. ‬لكن التحريات التي توصل إليها العميد ياسر عيسي رئيس المباحث الجنائية كشفت أن المتهمة كانت تربطها علاقة آثمة بأحد شباب القرية وأسفرت عن حملها منه سفاحا في‮ ‬غيبة الزوج‮.. ‬وأمام إلحاح طليقها بسؤاله عن الطفلة واتهامه لها بالزنا‮.. ‬تخلصت من الطفلة بدس سم الفئران لها في الطعام حتي ماتت بين يديها‮.. ‬ثم حملتها بين ذراعيها دون أن يتحرك لها ساكن‮.. ‬ودفنتها وأوهمت أسرتها أنها ماتت ميتة طبيعية‮! . ‬أمر اللواء ممدوح مقلد مدير أمن المنيا بإحالتها إلي نيابة سمالوط‮.. ‬وباشر معها التحقيق هاني صلاح وكيل أول النيابة بإشراف المستشار عمرو مختار المحامي العام لنيابات المنيا الذي أمر بحبسها علي ذمة التحقيق بتهمة قتل طفلتها عمداً‮ ‬والترصد‮.. ‬واستخراج جثة الطفلة ـ ابنة العام الواحد ـ وتشريحها بمعرفة الطبيب الشرعي ثم أعادة دفنها‮.‬
مضت الشيطانة إلي محبسها‮.. ‬متماسكة‮.. ‬حادة الملامح‮.. ‬بينما يغادر العجوز المنكوب سراي النيابة وهو يردد باكيا‮: ‬ـ حسبي الله ونعم الوكيل‮ !‬

ليست هناك تعليقات: